×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

قوله: «يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر...» هذا دليل على أنَّ المخالفة وعدم المشابهة أمر مطلوب، فهذا ابن عباس رضي الله عنهما الذي يروي أنّه صلى الله عليه وسلم كان يحب اتِّباعهم فيما لم يُؤمر فيه بشيء، كان رضي الله عنه من أشدِّ الناس مخالفة لهم لعلمِه أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفتهم، ونهى عن التشبُّه بهم.

وقوله: «انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم...» هذا الحديث دليل على أنَّه صام اليوم التاسع زيادة قبلَ اليوم العاشر الذي كانت اليهود تصومُه، فصومُ اليوم التاسع هو من باب المخالَفة لهم في صورة الصيام، فدلَّ على أنَّ المخالفة مطلوبة إما في أصل العمل، وإما في صفتِه، وابن عباس رضي الله عنهما هو الذي روى محبة موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه فيه شيء.

قوله: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ، لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» يعني: لئن بقي حيًّا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تُوفي قبل أن يدرك العام الذي بعده، ولكنه عُلم من قوله أمره بصوم اليوم التاسع لأجل مخالفة اليهود، فنفَّذ صحابةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومَن جاء بعدَهم هذه السُّنة.

قوله: «وقد مضى قول ابن عباس: صم التاسع...» المقصود: أن يصوم التاسع مضمومًا إليه العاشر، فليس معناه أن يُقتصر على التاسع، وإنما سكت عن اليوم العاشر، لأنَّه معلوم عند السائل وعند غيرِه أنَّ العاشر يُصام.

قوله: «صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ...» يعني: أنَّ الحكمة من صوم التاسع قبل العاشر مخالفة اليهود في صورة العمل.


الشرح