وفي «الصحيحين» أيضًا عنه،
قال: «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً، وَلاَ أَتَمَّ مِنَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم » ([1]).
وزاد البُخاري:
«وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ
تُفْتَنَ أُمُّهُ» ([2]).وما ذكره أنسُ بن
مالكٍ من التخفيف فهو بالنسبة إلى ما كان يَفْعلُه بعض الأُمراء وغيرهُم في قيام
الصَّلاة، فإنَّ منهم من كان يُطيل القِيام زيادةً على ما كان النبيُّ صلى الله
عليه وسلم يَفْعلُه في غالب الأوقات، ويخفِّفُ الركوعَ والسجود والاعتدالَ عمَّا
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعلُه في غالب الأوقات. ولعلَّ أكثر الأئمة -
أو كثيرًا منهم - كانوا قد صاروا يُصلُّون كذلك، ومنهم من كان يقرأ في الأخريين مع
الفاتحة سورة، وهذا كُلُّه قد صار مذاهبَ لبعض الفُقهاء، وكان الخوارج أيضًا قد
تعمَّقوا وتنطَّعوا، كما وصَفَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: «يَحْقِرُ
أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ» ([3]).
***
قوله: «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً...» ([4]) هذه صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخفف صفتها مع إتمام أركانها وواجباتها حتى يجمع بين المصلحتين، ويبتعد عن التشدّد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» ([5]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (708)، ومسلم رقم (469).
الصفحة 1 / 417