وقوله: «وَإِنْ كَانَ
لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ...» ([1]): كذلك كان يدخل في
الصلاة وهو يريد أن يطيلها، ولكن إذا سمع ما يقتضي التخفيف خفَّفها، فهو يخفِّفها
أحيانًا لأسباب طارئة، ومن ذلك أنه إذا سمع بكاء الصبي فإنه يخفِّف الصلاة رحمةً بأمِّه؛
لأنه إذا بكى شغل أمَّه عن صلاتها، فمن رحمته بأمِّه يخفِّف الصلاة من أجل أن
تتفرّغ لرضيعها.
وقوله: «وما ذكره أنس بن مالك من التخفيف فهو بالنسبة إلى ما كان يفعله بعض الأمراء وغيرهم في قيام الصلاة...» أي: أنَّ الناس أحدثوا في الصلاة من ذلك أن بعض الأمراء كانوا يطيلون القيام ويخفِّفون الركوع والسجود، وهذا خلاف السُّنّة؛ لأنَّ صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم كانت متعادلة، فإذا أطال القيام أطال الركوع وأطال السجود، وإذا خَفّف القيام خفف الركوع والسجود، والجلوس بين السَّجدتـين، ومنهم من يقرأ في الركعتين الأخيرتين بعد الفاتحة سورة وهذا تطويلٌ، فالواجب على الإمام أن يقرأ الأحاديث التي فيها صفة صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيُصلِّيها كما وردت فيها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ([2]) يعني: أنَّ الذين عاصروه وشاهدوا صلاته يصلون كما رأوه، والذين لم يروه يقتدون بصفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة الثابتة، أما أن يخترع الإنسان من عند نفسه ويجتهد فهذا لا يجوز، كأحوال بعض أئمة المساجد، لا سيّما في وقتنا هذا حيث كثر التعالم،
([1])أخرجه: البخاري رقم (708).