ولذلك قد رويت أحاديث - النُّـكْرة ظاهرة عليها - مثل ما رواه الترمذي ([1]) من حديث حصين بن عمر، عن مخارق بن عبد الله، عن طارق بن شهاب، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي، وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدَّتِي» قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من حديث حصين بن عمر الأحمسي عن مخارق. وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي. قلت: هذا الحديث معناه قريب من معنى حديث سلمان، فإن الغش للنوع لا يكون مع محبتهم، بل لا يكون إلاَّ مع استخفاف بهم، أو مع بغض لهم. فليس معناه بعيدًا. لكن حصين هذا الذي رواه قد أنكر أكثر الحفاظ أحاديثه؛ قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال ابن المديني: ليس بالقوي، روى عن مخارق عن طارق أحاديث منكرة. وقال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: ضعيف جدًّا. ومنهم من يجاوز به الضعف إلى الكذب. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه معاضيل، ينفرد عن كل من روى عنه. قلت: ولذلك لم يحدث أحمد ابنه عبد الله بهذا الحديث في الحديث المسند، فإنه قد كان كتبه عن محمد بن بشر عن عبد الله بن عبد الله بن الأسود عن حصين كما رواه الترمذي. فلم يحدثه به، وإنما رواه عبد الله عنه في المسند وجادة قال: «وجدت في كتاب أبي: حدثنا محمد بن بشر...» وذكره. وكان أحمد رحمه الله، على ما تدل عليه طريقته في المسند - إذا رأى أنَّ الحديث موضوع، أو قريب من الموضوع لم يحدث به. ولذلك
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3928)، وأحمد رقم (519).