×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وعن جُبير بن نُفَير، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين مُعَصْفَرين، فقال: «إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ، فَلاَ تَلْبَسْهَا»، رواه مسلم ([1]).وعلَّل النهي عن لبسهما بأنها من ثياب الكفار، وسواء أراد أنها مما يستحلُّه الكفار، بأنهم يستمتعون بخلاقِهم في الدنيا، أو مما يعتاده الكفار لذلك، كما أنه في الحديث قال أنَّهم يستمتعون بآنية الذهب والفضة في الدنيا وهي للمؤمنين في الآخرة، ولهذا كان العلماء يجعلون اتخاذ الحرير وأواني الذهب والفضة تشبّهًا بالكفار.

***

هذا الحديث يدل على تحريم التشبّه بالكفار في ملابسهم، بل حتى لون الملابس، فإذا اتخذ الكفار لونًا خاصًّا لملابسهم، فلا يجوز للمسلم أن يتخذ مثله، حتى لا يقع في التشبّه المحذور، ومعنى المعصفر: هو المصبوغ بالعصفر، مما يجعل له لونًا خاصًّا غير اللون المعتاد في الثياب.

قوله: «علّل النهي عن لبسهما بأنها من ثياب الكفار...» أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل النهي بأنها من ثياب الكفار، فقوله: «إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ» هو علّة النهي، فدلَّ على أنَّ ثياب الكفار الخاصة بهم لا يجوز لنا أن نتشبّه بهم في لبسها، بحيث إنَّ الرائي لا يستطيع أن يميز بين المسلم والكافر لتشابه لبسهما، وعليه فالذين يلبسون ثياب الكفار عند السفر إليهم بلا حاجة تقتضي ذلك وإنما رغبة في التشبّه بهم، لا يجوز فعلهم هذا.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2077).