ويدرك الركعة الأولى مع النبي صلى الله عليه
وسلم. فدلّ على أنَّ هديه إطالة الركعة الأولى من الظهر، والمتأخرون لا يعملون
بهذه السُّنَّة، حيث كانوا يخفّفون صلاة الظهر، فلذلك لما سأل السائل أبا سعيد رضي
الله عنه، قال: لا خير لك في هذا؛ لأنَّ هذه سنَّة لا يُعمَل بها، وكون المرء
يَعْلَمها ولا يعملُ بها فيكون في ذلك حرج عليه، فهو قال هذا من باب التبكيت
والتوبيخ، لا من باب أنَّ السُّنَّة لا خير فيها.
وقوله: «يصلّي الصبح، فينصرف الرجل فيعرف جليسه...» كان يطيل في صلاة الفجر أكثر من غيرها من الصلوات، حيث كان يقرأ في الركعتين، أو في الركعة الواحدة ما بين الستين إلى المئة آية، وكان يدخل فيها بغَلَس - يعني: بظُلْمة - وينصرف منها حين يَعرِف الرجل جليسه من الإسْفَار، فهو يجمع بين التبكير في الصلاة في أول وقتها وتمديدها إلى الإسفَار، وقلَّ من يعمل بهذه السُّنَّة الآن إلاَّ من رحمَ الله، فإنَّ الكثير يخفّفون، ويتأخرون في الإقامة. لذلك تجد الحاصل اليوم تأخير الإقامة حتى يشق على الناس الانتظار، والأمر الآخر تخفيف الصلاة خلافًا لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون تصرفهم إخلالاً بالصلاة، والصلاة أمانةٌ في أعناق أئمة المساجد عليهم أن يتّقوا الله عز وجل فيها، فإنهم مؤتمنون على صلوات من خلفهم، قال صلى الله عليه وسلم: «الإِْمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» ([1]).وقوله: «إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليؤمنا بالصافات...» يعني: أنَّ التخفيف هو ما يفعله صلى الله عليه وسلم كما
([1])أخرجه: أبو داود رقم (517)، والترمذي رقم (207)، وأحمد رقم (7169).