يُحْرِمون منها، ومن جاء عن طريق الساحل إذا
أراد الحج أو العمرة، وفي المسجد الذي فيها ودخله ابن عمر شرفات، وهي ما يُجعل على
رؤوس الجدران من التزيين والزخرفة، فخرج وصلّى خارج المسجد، وذلك لأنَّه شبَّهها
بأنصاب الجاهلية، فإنَّ الجاهلية كانوا ينصبون حجارة، ويذبحون عندها أو عليها،
ونحن منهيون عن التشبّه بهم. وهذا الحديث دليل على النهي عن التشبّه بالكفار
عمومًا، سواء كانوا يهودًا أو نصارى أو مجوسًا أو أعاجم أو مشركـين أمّيّـين، أو
غير ذلك. وفيه أيضًا تنبيه على المنع من زخرفة المساجد بالشرفات وبالأصباغ، وغير
ذلك، فإنَّ المساجد إنما شرعت للعبادة وليست للزينة والمباهاة.
قوله: «وروى سعيد
أيضًا عن ابن مسعود: أنه يكره الصلاة في الطاق» الطّاق: هو المحراب الذي يكون
في قِبلة المسجد؛ لأنَّ الصلاة فيه فعل اليهود في كنائسهم، فنحن منهيّون أن نصلّي
في الطاق لأمرين: أولاً: لأنَّ هذا فيه تشبّه باليهود، وثانيًا: أنَّه إذا صلّى
داخل الطاق فإنه لا يراه المأمومون حتى يقتدوا به. وأما اتخاذ المحراب نفسه، فإنه
لم يكن معروفًا في الزمان الأول، وإنما اتُّخذ فيما بعد علامة على القِبلة؛ لأنَّ
من دخل المسجد الذي ليس فيه محراب، لن يعرف القبلة، لا سيّما إذا دخله ليلاً، لكن
الواجب أن لا يبالغ في زخرفته ونقشه أو الكتابة عليه، وأن لا يُضخَّم وإنما يُجعل
بقدر ما هو علامة على القبلة فقط، وتكره الصلاة داخله إلاَّ عند الحاجة.
قوله: «إن من أشراط
السّاعة أن تُتخذ المذابح في المسجد...» أي: أن تعمل المحاريب في المساجد على
شكل ما تتخذه اليهود في
الصفحة 2 / 417