×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 باقون على العربية لسانًا ودارًا، أو لسانًا لا دارًا، أو دارًا لا لسانًا، وقوم من نسل العرب، بل من نسل بني هاشم، ثم صارت العجمية لسانهم ودارهم، أو أحدهما، وقوم مجهولو الأصل لا يُدرى: أمِن نسل العرب هم، أم من نسل العجم؟ وهم أكثر الناس اليوم، سواءً كانوا عرب الدار واللسان، أو عجمًا في أحدهما.

***

 قوله: «الثاني: أنَّ اسم العرب والعجم قد صار فيه اشتباه...» الأصل أنَّ اسم العرب اسم لكل من تكلَّم العربية، وصارت له لسانًا، واستوطن بلاد العرب، أو نطق العربية ولو لم يكن في بلاد العرب، فإنه يصير عربيًّا، يعني: عربيَّ اللسان، وإن لم يكن عربي النسب، فالعربية تكون في النسب، وإن كان قد استعجم الشخص وصار أعجميًّا، وقد تكون باللسان، وإن كان قد تعرَّب وصار عربي اللسان، فهذا ضابط العربي أنه من جمع بين أمرين: النسب العربي، واللسان العربي، أو سكن في بلاد العرب. وأما لفظ العجم فهذا عام لكل من ليس بعربي، ولكن غلب إطلاقه على الفرس الذين سبقوا العجم للإسلام، كسلمان الفارسي رضي الله عنه، ومن سار على هذا المنوال في العلم والعمل الصالح، قَال َ تَعَالَى: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الجمعة: 3]، لما سُئل صلى الله عليه وسلم: من هم هؤلاء؟ أشار إلى سلمان الفارسي، وكان حاضرًا في المجلس، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ الإِْيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ» ([1]) يعني: فارس، وفارس قسم من العجم وليسوا كل العجم، لكن صار إطلاق العجم عليهم حقيقة عرفية،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (4897)، ومسلم رقم (2546).