قوله: «وفي هذا
القسم المنسوخ من العبادات أو العادات أو كلاهما أقبح» المقصود:
أنَّ القِسم المنسوخ لا يجوز لنا أن نأخذ به، كاستقبال بيت المقدس، فإنه كان
مشروعًا في أول الأمر ثم نُسخ، فلا يجوز لأحدٍ من المسلمين أن يستقبل بيت المقدس،
أو أن يدفِن الميِّت المسلم مستقبلاً لبيت المقدس.
وأما إذا كان الشيء
مشروعَ الأصل، لكنَّه نُسخ، فالواجب أن نترك المنسوخ ونعمل بالناسخ، أما إذا لم
يكن مشروعَ الأصل، كالشيء الذي أحدثوه من عند أنفسهم، فهذا حرام علينا أن نفعلَه؛
لأنه من إحداثِهم ومن ابتداعِهم، كالرهبانية التي أحدثها النَّصارى، ولم يكتبها
الله عليهم، ولم يشرعها لهم.
قوله: «وأما القسم الثالث: وهو ما أحدثوه من العبادات أو العادات أو كليهما فهو أقبح...» المقصود: أن الإحداث في الدِّين، لا يجوز بحالٍ من الأحوال لجميع الأمم، وإنما الواجب في أمور الدِّين اتباع ما أنزل الله سبحانه وتعالى على الرُّسل، وأمّا أن يُحدَث شيءٌ من العبادات يُتقرب به إلى الله، والله لم يشرعه على ألسُنِ رُسلِه، فهذا من أشنع البدع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1])، وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا ([2])
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).
الصفحة 11 / 355