قوله: «كما أنَّ
موضع أوثانهم كذلك...» يعني: منع الذبح فيها؛ لأنها موضع أوثانهم، فهو من
آثارهم الشركيّة كالأوثان والأنصاب والأزلام، فلا يجوز أن تبقى؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم لـمّا فتح مكة بادر بتكسير الأصنام وأرسل إلى الأصنام التي خارج
مكة - اللاّت والعزى ومناة - من يهدمها، ولم يُبْقِها فترة من الزمن، أما إذا كانت
مجرد مساكن أو بيوت لهم فهذه أمرها سهل، قال الله عز وجل: ﴿فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ﴾ [النمل: 52]، فلا
حرج على بقاء مساكنهم وبيوتهم للاعتبار والاتعاظ، أما بقاء الأوثان والأصنام
والاحتفاظ بها فهذا أمر ممنوع.
قوله: «ومعلوم أنَّ
ذلك لتعظيم البقعة، يعظمونها بالتعييد فيها...» ففيه التحذير من أن يُتقرب
إلى الله في مكان كان المشركون يتقربون فيه إلى الأصنام، وذلك من باب سد الذريعة
إلى الشرك، ولو على المدى البعيد.
قوله: «إذ ليس إلاَّ
مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه...» يعني: أنَّ الأصل أنه يجوز
للمسلم أن يصلي حيث شاء من الأرض، فالأرض كلها لله عز وجل ولكن إذا عرض لهذا الأصل
مانع في أن هذه البقعة أو هذا المكان كان مخصَّصًا لإقامة الأوثان فيه، فلا يجوز للمسلمين
أن يحيوا أمكنة الجاهلية وأن يعيدوا لها ما كان لها من التعظيم، لذلك لما خلت من
المحذور رجعت للأصل، أي: الإباحة.
قوله: «وقصد التخصيص باقٍ...» يعني: أنَّ الممنوع تخصيص بقعة عيد أهل الجاهلية وأهل الشرك، وإلاّ فالأرض كلها يباح الذبح والصلاة فيها، هذا هو الأصل.
الصفحة 6 / 355