فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يذبح بمكان كان الكفار يعملون فيه عيدًا، وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا وتركوا ذلك العيد، والسائل لا يتخذ المكان عيدًا، بل يذبح فيه فقط، فقد ظهر أنَّ ذلك سدًّا للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم خشية أن يكون الذبح هناك سببًا لإحياء أمر تلك البقعة، وذريعة إلى اتخاذها عيدًا، مع أنَّ ذلك العيـد إنما يكون - والله أعلم - سوقًا يتبايعون فيها ويلعبون، كما قالت له الأنصار: يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية، لم تكن أعياد الجاهلية عبادة لهم، ولهذا فرَّق صلى الله عليه وسلم بين كونها مكان وثن، وكونها مكان عيد.
وهذا
نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية على أي وجه كان.
****
قوله: «فإذا كان قد نهى أن يذبح بمكان كـان
الكفار يعملون فيه عيدًا...» أي: أنه حتى وإن زال الصنم أو الوثن من البقعة فإنه
لا يجوز للمسلم أن يحيي ذكر هذا الصنم أو هذا الوثن ويتشبه بالكفار في عبادتهم له،
فيذبح لله في المكان الذي كانوا يذبحون فيـه لـهذا الصنم، وهذا مـن باب سد الوسائل
المفضية إلى الشرك.
قوله: «مع أنَّ ذلك
العيد إنما يكون - والله أعلم - سوقًا...» المقصود: أنَّ العيد
أوسع مما فيه الوثن فهو محل اجتماع، ولو كان هذا العيد مكانًا للبيع والشراء
والمزاح
وغير ذلك من أمور الجاهلية، فإنه لا يجوز للمسلمين أن يحيوا أعمال الجاهلية، بل يكتفون بما شرعه الله لهم في الإسلام وإلاّ فإنَّ