وأعياد الكفار
والكتابيين والأميين في دِين الإسلام من جنسٍ واحد، كما أنَّ كُفر الطائفتين سواء
في التحريم، وإن كان بعضه أشدَّ تحريمًا من بعض. ولا يختلف حكمها في حق مسلم.
لكن أهل الكتابين
أُقِرُّوا على دِينهم مع ما فيه من أعيادهم، بشرط أن لا يُظهروها ولا شيئًا من
دِينهم، وأولئك لم يُقَرّوا.
بل أعياد الكتابيين
التي تُتخذ دِينًا وعبادة أعظم تحريمًا من عيد يُتخذُ لهوًا ولعُبًا؛ لأن التعبد
بما يَسْخَطه الله ويكرهه أعظم من اقتضاء الشهوات بما حرَّمه.
ولهذا كان الشرك
أعظم إثمًا من الزنا.
ولهذا كان جهاد
أهل الكتاب أفضلَ من جهاد الوثنيين، وكان من قتلوه من المسلمين له أجر شهيدين.
وإذا
كان الشارع قد حسم مادَّة أعياد أهل الأوثان، خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر
الكفار الذين قد يئس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب، فالخشية من تدنسه
بأوصاف الكتابيين الباقين أشد، والنهي عنه أوكد. كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك
طائفة من هذه الأمة سبيلهم.
****
قوله: «وأعياد الكفار والكتابيين والأميّين في دين
الإسلام من جنس واحد...»
يعني: أنَّ المراد بالكفار الذين أُمرنا أن نخالفهم في أعيادهم: عموم الكفار، سواء كانوا كتابيين أو أميين، أو من المجوس، أو من أي نوع كان من الكفار، فإنَّ الواجب مخالفتهم في أعيادهم، وإن كان بعضهم
الصفحة 1 / 355