أشدّ كفرًا من بعض، فلا شكَّ أنَّ المشركين أشدّ
كفرًا من الكتابيين؛ لأنَّ الكتابيين عندهم إيمان بالرسل والكتب هو ما ليس عند
المشركين الذين يعبدون الأوثان، فإنهم لا يؤمنون بكتاب ولا يؤمنون برسول.
قوله: «ولا يختلف
حكمها في حق مسلم» أي: لا يختلف حكم تلك الأعياد في حق المسلم، سواء كانت
أعيادًا لليهود أو للنصارى أو للمجوس أو للمشركين، أو للعرب في الجاهلية.
قوله: «لكن أهل
الكتابين أُقِرّوا على دِينهم...» هذا هو الفارق بين الكفار من أهل الكتاب والكفار
عن غيرهم، فالكفار من أهل الكتاب يُقرُّون على دِينهم إذا التزموا بدفع الجزية وهم
صاغرون، كما قال تعالى: ﴿قَٰتِلُواْ
ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ
مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]. ومن
جملة دِينهم الذي يُقرّون عليه أعيادهم، لكن لا يظهرونها في بلاد المسلمين، وإنما
تكون خاصة بهم، وفي داخل بيوتهم ومحلاتهم.
قوله: «بل أعياد الكتابيين التي تُتَّخَذُ دِينًا وعبادة أعظم تحريمًا...» المراد: أن أهل الكتاب وإن كانوا أخفّ كفرًا من المشركين، إلاَّ أنهم في تعبدهم أشدّ من المشركين؛ لأنهم يتخذون عيدهم المحرَّم عبادة لله عز وجل بخلاف المشركين، فإنهم لا يتخذون عيدهم عبادة، وإنما يتخذونه لشهوات النفوس، وملذاتها.