قوله: «ولهذا كان
الشرك أعظم إثمًا...» لأنَّ الشرك عبادة لغير الله عز وجل فهو أعظم من الزنا،
وإن كان الزنا فاحشة وجريمة، لكن لما كان الشرك يُتخذ دينًا كان أعظم، بخلاف
الزنا، فإنه شهوة ومعصية ولا يتخذ دينًا، فالدين والبدعة شرٌّ من معصية الشهوة.
قوله: «ولهذا كان
جهاد أهل الكتاب أفضل...» يؤخذ هذا المفهوم من قوله تعالى: ﴿قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا
يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا
حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ﴾ [التوبة: 29]. فذكر الله جرائمهم الشنيعة التي توجب على
المسلمين قتالهم؛ لأنهم يتسمَّوْن بالدين، وأما المشركون أو الكفار من غيرهم فليس
لهم دين يتسمَّوْن به ويتقرَّبون به إلى الله، فأهل الكتاب أشد خطرًا من خطر
المشركين والوثنيين.
قوله: «وإذا كان
الشارع حسم مادة أعياد أهل الأوثان...» يعني: أنَّ خطر اليهود
والنصارى على المسلمين أشد من خطر الوثنيين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر
أنَّ الشيطان قد يئس من المصلين أن يعبدوه في جزيرة العرب؛ لأن الله منَّ عليهم
بالدين، وتأصَّل في قلوبهم، فلا يتمكَّن الشيطان من إدخال الشِّرك عليهم، وخطر أهل
الكتاب على المسلمين أشد من خطر أهل الأوثان؛ لأنهم أهل دين وكتاب.
والحاصل من هذا: بيان خطر اليهود والنصارى، وأنه أشد على المسلمين من خطر الوثنيين؛ لأن الوثنيين يَعرف الناسُ ما هم عليه من الشرك والوثنية، بخلاف أهل الكتاب، فإنهم يُلبِّسون على الناس دينهم،