×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

 لا سيما وهم أهل الكتاب، وأتباع لبعض الرسل.

أما الوثنيون فهم لا يدينون بدين ولا بكتاب يلبسون به على المسلمين، ومع هذا نسمع اليوم الدعوات التي تنادي بتوحيد الأديان الثلاثة: اليهودية والنصرانية والإسلام، حتى يصل الحال ببعضهم إلى أن يقول: إنهم إخوة في الدين؟! وهذا إنما قيل بسبب أنهم أهل كتاب يدّعون الإيمان بالله عز وجل ويدّعون اتباع الرسل والأنبياء، ولولا هذه الشبهة لما قيل مثل هذا الكلام، لذلك لا تسمع الدعوة الآن إلى حوار مع المشركين وعبدة الأوثان، إنما الدعوة الآن لأصحاب الأديان الثلاثة.

ومن العجب العجاب أنهم يقولون: الأديان الإبراهيمية! فينسبون اليهودية والنصرانية إلى إبراهيم عليه السلام، والله جل وعلا يقول: ﴿مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا [آل عمران: 67] وقال: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ [آل عمران: 65].

قوله: «كيف وقد تقدَّم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم» يعني: أنَّ هذا يؤيد أنَّ خطر اليهود والنصارى على المسلمين أشد، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ؟!» ([1]).

فأخبر أنَّ التشبه بأهل الكتاب يكون أكثر من التشبه بالوثنيين.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3456)، ومسلم رقم (2669).