الوجه الثاني:
قوله: «وَهَذَا عِيدُنَا» فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا، فليس لنا عيد سواه.
****
الوجه الرابع في تحريم
مشاركة الكفار في أعيادهم: حيث إن أبا بكر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله
عليه وسلم وعنده جاريتان صغيرتان، والمراد بهما: الصغيرتان من الإناث دون البلوغ،
وذلك لأنَّ عائشة رضي الله عنها كانت جاريةً صغيرة، وكانت الجواري يأتين إليها للَّعب
معها في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وصادف هذا يوم عيد؛ لأن المسلمين لهم
عيدان: عيد الفطر بعد رمضان، وعيد الأضحى ويمتدّ من يوم عرفة إلى اليوم الثالث عشر
من أيام التشريق، فهذه الأيام كلها أيام عيد.
ومن جملة ما يكون في
يوم العيد الفرح والسرور، فهاتان الجاريتان الصغيرتان فرحتا في هذا اليوم، وصارتا
تغنيان، وليستا بمغنيتين، يعني: ليستا ممن يَمْتَهِنّ الغناء، وإنما هو شيء معتـاد
في هذا اليوم خاصة للمناسبة فقط، فالنبي صلى الله عليه وسلم تركهما من باب إقرار
الناس على شيء من الفرح في مثل هذا اليوم، فهو فرح لا إثم فيه، فأراد أبو بكر رضي
الله عنه أن يمنعهما، وقال: أبمزمور الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فـدلَّ هذا على أنَّ المزامير محرَّمة، وأنهـا تنسب إلى الشيطان؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم لم ينكر عليه هذا الكلام، وإنما لم يمنع الجاريتين من إظهار الفرح
في هذا اليوم؛ لأنه يوم عيد.
والحاصل من مفهوم هذا الحديث: أن للمسلمين عيدًا خاصًّا بهم، فقوله: «عيدنا» الضمير يعود على المسلمين، يعني: لا عيد غيرنا، فدلَّ على اختصاص المسلمين بهذا العيد، ودلَّ على أنه لا بأس بإظهار
الصفحة 1 / 355