وأعيادهم، فلولا أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم
حمَى حِمى الإسلام ومنع المسلمين من مشابهة الكفار، وشرع لهم ما يغنيهم عن أعياد
الكفار، لحصل الاختلاط العظيم بين عادات المسلمين وعادات المشركين، فلله الحمد
والمنة.
قوله: «غاية ما كان
يوجد من بعض الناس ذهابٌ إليهم...» يعني: أنَّ مشاركتهم - ولله الحمد - امتنعت، ولكن
قد يكون من المسلمين من يذهب إليهم لمجرد الاطلاع، لينظروا كما يقول البعض، وعُمر
رضي الله عنه كان قد منع ذلك في خلافته، لئلا يتسرب شيء من أعيادهم، أو يُعجَب
المسلمون بأعيادهم.
قوله: «فكيف يكون
بعض الناس يفعل ما يفعلونه...» فإذا كان رضي الله عنه منع أن يذهب المسلم إلى مشاهدة
أعيادهم، فكيف بمن يشاركهم فيها، والله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا
يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ﴾[الفرقان: 72] ؟ وحضور أعياد الكفار يدخل ضمن هذه الآية،
فإذا كان هذا ممنوعًا، فمشاركتهم بالفعل في أعيادهم محرمة وممنوعة، وهذا المنع
حماية لهذا الدين من أن يتسلل إليه شيء من عادات الكفار، وانحرافاتهم.
حتى أنَّ الصوم الذي نوافقهم في أصله يجب علينا مخالفتهم في وصفه، فلا يُصام في أيام أعياد الكفار؛ لأن ذلك فيه تعظيم، ولا يقال: يصوم في أعيادهم مخالفة لهم، نقول: الصوم فيه تعظيم؛ لأن اليوم الذي يُصام فيه تعظيم لليوم.
الصفحة 12 / 355