×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

 تعالى: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 89] يعني لما رأوا أنه من العرب كفروا به، وحسدوا العرب على ذلك، وكانوا يظنون أن النبوة محصورة فيهم.

والقسم الآخر الذي جاء إلى النبي ولقيه من النصارى وهم وفد نجران، حيث قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وتصالـحوا معه، ودخلوا عليه في المسجد وجلسوا عنده، وتفاوضوا معه، وأُنزل الله فيهم صدر سورة آل عمران كما هو معروف، وكان اليهود أيضًا يسكنون شمال الجزيرة في فدك وخيبر وتيماء، وغيرها، وسكنوا اليمن بكثرةٍ، ولا يزالون، ومنهم ابن السوداء الخبيث الذي مكر بالمسلمين وأظهر الإسلام، وهو يريد إفساد الإسلام، وبث الفُرقة والفتنة في المسلمين، حتى قُتل عثمان رضي الله عنه مظلومًا من جراء دعايته.

الحاصل: أنهم كانوا موجودين في الجزيرة، ومنبثّين في الجزيرة، وفي بلاد المسلمين، ومع هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم حفظ المسلمين من التشبه بهم، وجعل للمسلمين عيدًا خاصًّا، وترك أعيادهم التي كانوا عليها، كل هذا يدلُّ على أنه مطلوب تميُّز المسلمين عن اليهود والنصارى وعن الكفار، لئلا يختلط الخير والشرّ، ويلتبس الحق بالباطل.

ولولا شدّة النهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهة المشركين لسرت عادة اليهود والنصارى والكفار إلى المسلمين بحكم الاختلاط؛ لأنهم كانوا يساكنون المسلمين ويختلطون بهم ويجاورونهم ويمارسون عباداتهم


الشرح