الوجه السادس من
السنة: ما رواه كُريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال: أرسلني ابن عبّاس وناسٌ
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمِّ سَلَمة رضي الله عنها، أسألها: أيُّ
الأيامِ كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها صِيامًا؟ قالت: كان يصوم يوم السبت
ويوم الأحد أكثر ما كان يصوم من الأيام ويقول: «إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدِ
لِلْمُشْرِكِين، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» رواه أحمد ([1])
والنسائي وابن أبي عاصم، وهو محفوظ من حديث عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن
محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن كُريب، وصححه بعض الحفاظ. وهذا نصٌّ في شرع
مخالفتهم في عيدهم، وإن كان على طريق الاستحباب.
وسنذكـر حـديث
نهيه عن صوم يـوم السبت، وتعليل ذلك أيضًا بمخالفتهم، ونذكر حكم صومه مفردًا عند
العلماء، وأنهم متفقون على شرع مخالفتهم في عيدهم.
وإنما اختلفوا:
هل مخالفتهم يوم عيدهم بالصوم لمخالفة فعلهم فيـه أو بالإهمال، حتى لا يقصد بصوم
ولا بفطر؟ أو يفرّق بين العيـد العربي والعيد العجمي؟ على ما سنذكره إن شاء الله
تعالى.
وأما الإجماع والآثار
فمن وجوه:
أحدها: ما قدمتُ التنبيه عليه من أنَّ اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم، والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السَّلف من المسلمين من يَشْرَكهم في شيء من ذلك. فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهيًا عن ذلك، وإلاّ لوقع
الصفحة 1 / 355