الثاني: أنه قد
تقدَّم في شروط عمر رضي الله عنه التي اتفقت عليهـا الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم:
أنَّ أهل الذِّمـة من أهل الكتـاب لا يظهـرون أعيـادهم في دار الإسلام. وسمَّـوا
الشعانين والباعوث، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على مَنعهم من إظهارها، فكيف يسوغ
للمسلمين فعلها؟
أوليس فعل المسلم
لها أشدّ من فعل الكافر لها مُظهرًا لها؟
وذلك أنا إنما
منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد، إما لأنها معصية، أو شعار المعصية. وعلى التقديرين:
فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعار المعصية.
ولو
لم يكن من فعْل المسلم لها من الشرّ إلاَّ تَجْرِئة الكافر على إظهارها لقوة قلبه
بالمسلم، فكيف بالمسلم إذا فعلها؟ فكيف وفيها من الشر ما سننبه على بعضه إن شاء
الله؟!
****
ومع ما في النفوس - أو كثير من النفوس - من
الميل إلى بعض الأمور التي يفعلونها من شهواتهم ولهوهم وأكلهم ولعبهم، ومع هذا
ظلَّ المسلمون ممتنعين من مشاركتهم في أعيادهم، فهذا إجماع من المسلمين على عدم
مشاركة الكفار في أعيادهم.
قوله: «الثاني: أنه قد تقدَّم في شروط عمر...» الوجه الثاني من وجوه الإجماع: ما سبق الحديث عنه من شروط عمر على المعاهدين الذميّين: أن لا يظهروا شيئًا من شعائر دِينهم بين المسلمين، ووافقه الصحابة ومن بعدهم على هـذا، فدلَّ هـذا على أنَّ الواجب على المسلمين أن يمنعوا المشركـين من إظهار شعائر دينهم، ومنهـا إظهار أفعالهم في الأعياد، وهذا إجماع منهم.
الصفحة 1 / 355