فكيف بفعل بعض
أفعالهم، أو فعل واحد من مقتضيات دِينهم؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من
الموافقة في اللغة؟
أوليس عمل بعض
أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟
وإذا كان السُّخط
ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملِهم، فمن يَشْركُهم في العمل أو في بعضه، أليس قد
تعرَّض لعقوبة ذلك؟
ثم قوله:
واجتنبوا أعداء الله في عيدهم، أليس نهيًا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن
عمل عيدهم؟
وأما عبد الله بن
عمرٍو فصرَّح أنه من بَنى ببلادهم وصَنَع نيروزهم ومهرجـانهم، تشبّه بهم حتى يموت،
حُشر معهم. وهذا يقتضي أنه جعله كافرًا بمشاركته في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك
من الكبائر الموجبة للنار، وإن كان الأول ظاهر لفظه.
فتكون المشاركة
في بعض ذلك معصية؛ لأنه لو لم يكن مؤثرًا في استحقاق العقوبة لم يجزْ جعله جزءًا
من المقتضى.
إذًا المباح لا
يُعاقب عليه.
وليس الذم على
بعض ذلك مشروطًا ببعض؛ لأن أبعاض ما ذكره يقتضي الذم منفردًا.
وإن ما ذكر - والله أعلم - من بنى ببلادهم؛ لأنهم على عهد عبد الله بن عمرو وغيره من الصحابة كانوا ممنوعين من إظهار أعيادهم بدار الإسلام، وما كان أحد من المسلمين يتشبَّه بهم في عيدهم، وإنما كان يتمكّن من ذلك لكونه في أرضهم.
الصفحة 10 / 355