×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

 تجد الأعاجم الذين أسلموا يتعلمون اللغة العربية، ويصبحون عَربًا فصحاء، وقد ذكرت كتب التراجم كثيرًا منهم ممن صاروا أئمة في اللغة والحديث والتفسير، فاللغة العربية ميسَّرة ومحبّبة ولله الحمد، وقابلة لكل ثقافة، لا تعجز عن وصف شيء واستيعاب المعاني، قال شاعر النيل حافظ إبراهيم عن اللغة العربية:

وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَحِكْمَةً*** وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ

فالحاصل: أنَّ اللغة الأجنبية يُتَكَلَّم بها عند الحاجة إلى ذلك، والحاجة تتحدَّد بقدرها ولذلك يروى عن السلف أنَّ التكلم بها يورث النفاق كعمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره، بمعنى أنه يورث محبة اللغة الأجنبية ومحبة أهلها، وهذا نفاق.

قوله: «ونقل عن طائفة منهم أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة...» المقصود: أنه لا بأس أن يؤتى ببعض الكلمات من اللغة الأعجمية، وإنما الممنوع هو استبدال اللغة العربية باللغة الأجنبية للتخاطب على وجه العموم، وأن تحل اللغة الأجنبية محل اللغة العربية في الكتابة وفي الحوار، أما أن تقال بعض الكلمات في أثناء الكلام فلا بأس في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بكلمات أعجمية، فلقد قال: «هَذَا سَنَا» ([1]) يعني: حسن، بلغة الحبشة، وكذلك علي رضي الله عنه لـمّا سأل شريح القاضي فأجابه بجواب جيد، قال علي: قالون، يعني: جيد في اللغة الرُّومية، ولهذا قال الشيخ:


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5845).