شرفها الله بنزول القرآن بها وهي لغة نبيه صلى
الله عليه وسلم، فبها يُعْرَف القرآن وتُفْهَم السُّنَّة، أما الأعجمية فهي
كـاسمها بعيـدة عن أفهام العرب، ولا تلبي الحاجة المطلوبة. فلا يُتَكَلَّم بها
إلاَّ عند الحاجة، أما من يتكلم بها من باب الفضول والتنطع وإظهار الثقافة كما هو
الحال عند بعض الناس اليوم، فهؤلاء آثمون؛ لأنهم استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو
خير.
قوله: «لا تعلموا
رطانة الأعاجم ولا تدخلوا كنائسهم» هذا نهي عن تعلّم لغة الأعاجم إلاَّ عند الضرورة
والحاجة الملحَّة، كالمترجمين الذين يكونون عند وليِّ الأمر والقضاة، أو عند مَن
هو مسؤول عن الأمور العامة، فيحتاج من يترجم له لغة غير العربية ففي هذه الحالة لا
بأس بذلك، وأما أن تتخذ لغة يخاطب بها وتحل محل اللغة العربية فهذا أمر منهي عنه؛
لأن فيه تشبهًا بالأعاجم، ولأنَّ فيه إماتة للَّغة العربية واستغناءً عنها.
قوله: «ما بال
المجوسية بعد الحنيفية...» هذا الأثر فيه التغليظ على المتكلم بالفارسية؛ لأنها
لغة المجوس، ولأنَّ اللغة العربية لغة الحنيفية - أي: الملة الحنيفية - فالمتكلم
بها يستبدل لغة المجوس عَبَدة النيران بلغة الحنيفية التي هي مِلة إبراهيم.
قوله: «من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلَّم بالعجمية...» هذا هو الضابط: أنَّ مَن لم يحسن العربية يتكلَّم بغيرها إلى أن يتعلم العربية، وأما من يحسنها، فلا يجوز له أن يتكلم ويتخاطب بها؛ لأن اللغة العربية هي اللغة التي أنزل الله بها القرآن الكريم، وهي لغة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي لغة هذه الأمة المحمديّة، ومن عظمة هذه اللغة أنك