فإنَّ الأنبياء
ما وقَّتوا العبادات إلاَّ بالهلال.
وإنما اليهود
والنصارى حرفوا الشرائع تحريفًا ليس هذا موضع ذكره.
****
قوله: «الوجه
الثالث: أنه إذا سوّغ فعل القليل...» أي: الثالث من وجوه
الاعتبار في تحريم أعياد الكفار، فإنه لا يُتساهل في هذا الأمر ويقال: هذا يسير
ولا يضر، لا، إنَّ هذا شيء ممنوع ولو كان شيئًا يسيرًا؛ لأنَّ الشيء اليسير يجر
إلى الشيء الكثير بالاعتياد والمداومة، فإذا انفتح الباب حصل الشر الكثير ولم يمكن
إغلاقه، فغلق الباب من أصله فيه سلامة من هذا الشر.
ثم إنَّ العوام إذا
رأوا هذا الشيء يتنامى ويكثر ظنّوا أنَّ هذا من الخير، وأن فيه المصلحة فيألفونه،
ثم يصبح عندهم شيئًا مستقرًّا في نفوسهم بحيث إذا غُيِّر، فإنهم يستنكرون تغييره،
كما جاء في الحديث أنه في آخر الزمان من قوله: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ
الْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا، وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفًا» ([1])، فإذا غيّر المنكر
قيل: غيّرت السنَّة.
قوله: «حتى يصير عادة للناس، بل عيدًا...» يعني: بعد أن يشتهر هذا الشيء اليسير من مشابهة الكفار، يستقر في النفوس ويتحول من عادة إلى عبادة، وهذا فعل أعدائنا بنا، يدخلون على الناس من باب تسهيل الأمر، ويرضون باليسير في أول الأمر؛ لأنهم يعلمون ماذا سيؤول إليه الأمر في المستقبل، لذلك فالواجب سد باب الفتنة، والابتعاد عن أعياد الكفار ومشاركتهم فيها، لا بقليل ولا كثير.
([1])أخرجه: الطبراني في «الأوسط» رقم (9325)، ونعيم بن حماد في «الفتن» رقم (111).