×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

والرسول صلى الله عليه وسلم مُبلِّغ عن الله، فما أحلَّه اللهُ أحللناه، وما حرَّمه حرَّمناه، وما أوجبه أدَّيناه، فنحن متَّبعون لا مبتدعون، ولا نتَّبع العلماء والأمراء فيما شرَّعوه من عند أنفسهم، وإنما نطيعهم فيما أطاعوا الله سبحانه وتعالى فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا أُمِرُوا بِمَعْصِيَةٍ، فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ» ([1]).

ولما سمع عديُّ بن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قوله تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ظنّ أنَّ اتخاذهم أربابًا عبادتهم، فقال: يا رسول الله ما كنا نعبدهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألَيْس يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُصَدِّقُونَهُمْ؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «ألَيْس يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُطِيْعُونَهُم؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» ([2]).

فمن أطاعهم في التحليل والتحريم من دون الله، فقد عبدهم؛ لأنَّ التشريع حق لله جل وعلا وهذا ما يسمى بشرك الطاعة.

قوله: «فهم في كل مدَّة ينسخون أشياء...» لأنهم نصبوا أنفسهم أربابًا، فهم دائمًا في تغيير وتبديل لا يستقرّون على شيء، ويتَّبعون أهواء الناس وشهواتهم، فلذلك صاروا عابدين لهم، واتخذوهم أربابًا من دون الله عز وجل.

قوله: «زعمًا منهم أنَّ هذا بمنزلة نسخ شريعة الله بشريعة أخرى» لله جل وعلا أن ينسخ ما يشاء، وأن يحكم ما يشاء مما يصلح عباده، قال


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2955)، ومسلم رقم (1839).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (3095)، والطبراني في «الكبير» رقم (218).