ثم يوم الخميس،
الذي يسمونه الخميس الكبير، يزعمون أنَّ في مثله نزلت المائدة التي ذكرها الله في
القرآن حيث قال: ﴿قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ
رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدٗا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةٗ مِّنكَۖ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ﴾
[المائدة: 114].
فيوم الخميس هو
يوم عيد المائدة، ويوم الأحد: يسمونه عيد الفصح، وعيد النور، والعيد الكبير.
ولما كان عيدًا
صاروا يصنعون لأولادهم البيض المصبوغ ونحوه.
لأنهم فيه يأكلون
ما يخرج من الحيوان من لحم ولبن وبيض، إذ صومهم هو عن الحيوان وما يخرج منه.
وإنما يأكلون في
صومهم الحب، وما يُصنع منه من خبز وزبيب وشيرج ونحو ذلك.
****
قوله: «ثم يوم الخميس، الذي يسمونه الخميس
الكبير...» ويتخذون هذا اليوم عيدًا، ويزعمون أنه يوم المائدة، ولقد ثبت ذكر
المائدة في القرآن الكريم، وأما نزولها فهو محل نظر، ولقد سألوا عيسى عليه السلام
أن يسأل ربه نزول المائدة، وكان في قولهم الغلظة فقالوا: ﴿يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ
عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِۖ﴾ [المائدة: 112] فانظر إلى قولهم: هل يستطيع ربك!
فإن فيه سوء أدب مع الله تعالى، وفيه تحدٍّ للمسيح عليه السلام، وفيه ما يدلُّ على
دناءتهم وتعلُّقهم بالأكل وملء البطون.
ثم انظر إلى قولهم: ﴿رَبُّكَ﴾ يعني: كأنه ليس ربًّا لهم، وعيسى عليه السلام قال: ﴿إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ