أَن يُنَزِّلَ عَلَيۡنَا
مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِۖ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ
١١٢ قَالُواْ
نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ
صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [المائدة: 112-
113] فهم قدموا الأكل، ثم قالوا: ﴿وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا﴾ فدلَّ على أنَّ في قلوبهم
شكٌّ في أمر المسيح ولا تطمئن قلوبهم إلاَّ بنزول المائدة وحصول طلبهم، عند ذلك
دعا عيسى عليه السلام ربه فقال: ﴿ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدٗا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةٗ مِّنكَۖ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ﴾ فأجابه المولى
سبحانه: ﴿إِنِّي
مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ
عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [المائدة: 115] فهل نزلت بالفعل أم لم تنزل حذرًا
من هذا الوعيد؟ لكنّهم يعظمون يوم الخميس لزعمهم أنها نزلت فيه.
قوله: «والعيد
الكبير...» يعني: هو يوم قيامة المسيح من القبر.
والحقيقة: أنَّ هذا
الذي يعتقدونه في حق المسيح كفر وتطاول، وغاية في التَّنقص لله سبحانه وتعالى، فإن
النصارى زعموا أمورًا في غاية العجب: أولاً: نسبوا لله الولد، والله
منزه عن الولد، ثم زعموا أنَّ هذا الولد قُتِل وصُلِبَ على الخشبة، وهو جزء من
الله سبحانه وتعالى ﴿وَجَعَلُواْ
لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ﴾ [الزخرف: 15] يعني: ولدًا؛ لأن الولد جزء من الوالد، ثم
زعموا أنه دُفن في الأرض ميتًا، فهل جزء الله يموت؟ فهذا من جرأتهم على الله عز
وجل إنَّ قولهم هذا كلام متناقض، لا يقبله عاقل، فسقط قولهم أنَّ المسيح ابن الله،
وأنه ثالث ثلاثة! فهو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه.