الوجه السادس من وجوه الاعتبار: أنَّ ما يفعلونه في عيدهم: منه ما هو
كُفر، ومنه ما هو حرام، ومنه ما هو مباح لو تجرَّد عن مفسدة المشابهة، ثم التمييز
بين هذا وهذا يَظهر غالبًا، وقد يخفى على كثير من العامة، فالمشابهة فيما لم يظهر
تحريمه للعالم يُوقع العاميّ في أن يشابههم فيما هو حرام، وهذا هو الواقع.
والفرق بين هذا
الوجه ووجـه الذريعة: أنَّ هناك قلنا: الموافقة في القليل تدعو إلى الموافقة في
الكثير، وهنا جنس الموافقة يلبِّس على العامّة دِينهم، حتى لا يميزوا بين المعروف
والمنكر.
****
عيدهم لا يخلو من أمور: إما الشرك، وإمّا الأمر
المحرَّم، وإما المكروه، وإمّا المباح لو تجرّد من المشابهة.
فالحاصل: أنَّ كل ما
يجري في أعيادهم ممنوع ومحذور، إما لكونه شِركًا، وإمّا لكونه مُحرمًا، وإمّا لكونه
مكروهًا، وإمّا لكونه مشابهة لهم في فعل المباح في أعيادهم، فلم يبق وجه لمشاركتهم
في أعيادهم.
وهذا أيضًا مع كونه
ذريعة إلى الباطل، فإنه هو في نفسه باطل؛ لأنه تشجيع لهم بموافقته لهم، وفيه من
المفاسد الشيء الكثير، فهو فاسد في نفسه، وإنما الذريعة أو الوسيلة ما كان
مُباحًا، فإنه يقال: يترك المباح الذي يفضي إلى حرام.
أما هذا فهو باطل من أصله، ليس وسيلة ولا ذريعة وإنما هو باطل في نفسه.
الصفحة 17 / 355