فذاك بيان
الاقتضاء من جهة تقاضي الطِّباع بإرادتها، وهذا من جهة جَهل القلوب باعتقاداتها.
الوجه السابع من
الاعتبار: ما قررته في وجه أصل المشابهة، ذلك أنَّ الله تعالى جَبَل بني آدم، بل
سائر المخلوقات، على التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر
كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم، حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميّز أحدهما عن
الآخر إلاَّ بالعين فقط.
****
إنَّ مشاركة القوم في باطلهم فيه إفساد
العقيدة، كما أسلفنا في القول، الوسيلة في حدِّ ذاتها مباحة، لكنّها لـمّا كانت
تجرّ إلى الحرام صارت حرامًا، وهذا مما يُفسد الطّباع، فإنَّ الوسائل تُفسد
الطباع.
هذا هو الوجه السابع
من وجوه الاعتبار في مخالفة الكفار: أنَّ المشابهة تقتضي التقارب بين المتشابهين،
فالذي يلبس لباسك مثلاً تقترب منه وتألفه، والذي يتكلم بلغتك أيضًا تقترب منه
وتألفه، فالتشابه يقتضي التقارب، ويقتضي الاجتماع مع المشابِه، وهذا شرٌّ بلا شك،
وهو من العلل في تحريم التشبه بالكفار.
فالتشبه بالكفار
ممنوع لأسباب:
أولاً: قول النبي صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1]) كما في الحديث.
وثانيًا: أنَّ التّشبه يقتضي التقارب بين المتشابهين، فإذا تشبّه مسلم بكافر، حصلت المقاربة بينهما وعدم النفرة، وهذا محذور شرعي، أنْ يتقارب المسلم مع الكافر ويتميّع ويتلَّون ولا يكون بينهما تمييز.
الصفحة 1 / 355