ولما كان بين
الإنسان وبين الإنسان مشاركة في الجنس الخاص، كان التفاعل فيه أشدّ، ثم بينه وبين
سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط، فلا بدَّ من نوع تَفاعل بقدره، ثم بينه
وبين النبات مشاركة في الجنس البعيد، فلا بد من نوع ما من المفاعلة.
ولأجل هذا الأصل:
وقع التأثر والتأثير في بني آدم، واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمعاشرة والمشاكلة.
وكذلك الآدمي،
إذا عاشر نوعًا من الحيوان، اكتسب بعض أخلاقـه، ولهذا صار الفخـر والخيلاء في أهل
الإبل، وصارت السكينة في أهل الغنم.
****
المخلوقات كلّها
تتشابه، لكن بعضها أقوى تشابهًا من بعض، فمثلاً الإنسان والإنسان بينهما تشابه
كبير، بقطع النظر عن الدِّين، وإنَّما المقصود في الإنسانيّة والآدميّة، وكذلك
الإنسان مع الحيوان فإنَّ بينهما نوع مشابهة، لكون كلٍّ منهما له روح ويتغذى.
وكذلك هنالك تشابه
بين الإنسان والنبات، فهما يشتركان في الحياة - وإن كان هناك فرق في حياة كلٍّ
منهما - وهما يشتركان كذلك في النمو، وإنما ضُرب هنا مثلٌ، والمقصود النتيجة.
لأجل هذا التّشابه
المتفاوت، فإنَّ الله جل وعلا حرَّم على المسلم التشبه بالكافر، لئلا يتمازج
الاثنان، وتحصل بينهما المواءمة التّامة، فلا يحصل تفريق بينهما من جهة الدين،
فيحصل الشر الكبير.
الإنسان إذا اختلط بالإنسان الكافر اكتسب من أخلاقه، وهذا لا بدّ واقع، ومعلوم أنَّ أخلاق الكفار سيئة - بحكم ضلال معتقدهم