وصار الـجمَّالون
والبغَّالـون فيهم أخـلاق مذمومـة من أخلاق الجمال والبغال، وكذلك الكلابون.
وصار الحيوان
الإنسيّ فيه بعض أخلاق النّاس مِن الـمعاشرة والمؤالفة وقلَّة النُّفرة.
****
- فيتشرّبها، كما
أنَّ من اختلط بالإبل أخذ من أخلاقها، ولو اختلط بالغنم أخذ من أخلاقها، فلذلك تجد
رعاة الإبل يَختلفون في الشّراسة وغَلِظ الطِّباع عن رُعاة الغنم، فإنَّ الغنم
تَجد فيها السكينة والهدوء لكونها ضعيفة، وإنها تُكسب صاحبَها تلك الأخلاق. ولذلك
كان الأنبياء عليهم السلام يَرعون الغنم، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «مَا
بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلاَّ رَعَى الغَنَمَ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَِهْلِ مَكَّةَ» ([1]).
وهذا بخلاف الإبل،
فكونها قوية وشديدة وشرسة تُـكسب رعاتها الشراسة والقوة وغِلَظِ التكبر، فإذا كان
هذا في العجماوات، فهو في بني الإنسان أشد، لا سيّما إذا كان هذا التأثر على حساب
الدِّين.
أي: فتؤثر في أخلاقهم
بحكم مخالطتهم لها، كما يتأثر الكلابون بأخلاق الكلاب.
الحيوانات على قسمين: حيوانات وحشية، وهذه تَنفِرُ وليس بينها وبين الإنسان مشابهة بوجه من الوجوه. وحيوانات إنسية؛ فإنها تألف الإنسان ويألفها، وتطمئن إليه، وتكتسب من أخلاق الناس، كالحمير والكلاب المعلّمة والقطط، وغير ذلك، فإذا كان الحيوان يتأثر
([1])أخرجه: البخاري رقم (2262)، ومسلم رقم (2050).
الصفحة 3 / 355