وهذا كله بموجب
الطِّباع ومقتضاها، إلاَّ أن يَمنع من ذلك دِين أو غرض خاص.
فإذا كانت
المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة لهم، فكيف بالمشابهة في أمور
دينية؟ فإنَّ إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد.
****
قوله: «بموجب الطباع» أي: أنَّ هذا
التقارب والمحبة والالتقاء بموجب اشتراكهم في الرئاسة إلاَّ أنَّ يُعارِض ذلك
دِين، كأن تعارض المودّة والمحبة والالتقاء أمر الله عز وجل بالمخالفة، كقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ﴾ [المائدة: 51]
وقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾ [الممتحنة: 1] فهنا
الدِّين يعارضُ هذا الأمر، وهو منع موالاة أعداء الله، أو يعارض ذلك اختلاف
المطامع.
إذا كانت المشابهة تحصل بسبب الاشتراك في الأمور المباحة - كاللباس والشكل واللغة - محرمة من الكفار؛ لأنها تفضي إلى محبتهم ومودّتهم، فالتّشبه بهم في الأمور الدِّينية أشدّ تحريمًا وتأثيمًا؛ لأنها تجرّ إلى المعصية أو الكفر، فلذلك يَحرم التّشبه بالكفار في عباداتهم كعبادة القبور والبناء عليها، وغير ذلك من الأمور الشركيّة، قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، ألاَّ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» ([1]).
([1])أخرجه: مسلم رقم (532).
الصفحة 7 / 355