وكذلك تجد أرباب
الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضًا، ويحصل بينهم مودّة.
حتى إنَّ ذلك
يكون مع المعاداة والمحاربة، إمّا على الـمُلْك، وإمّا على الدين.
وكذلك تجد الملوك
ونحوهم من الرّؤساء وإن تباعدت ديارهم وممالكهم بينهم مناسبة توْرِث مشابهة
ورِعاية من بعضهم لبعض.
****
بعض، بخلاف ما إذا كانا مختلفين في اللباس، فإنه
لا يوجد ميل من أحدهما للآخر؛ لانقطاع العلاقة بينهما.
وقِسْ على ذلك أرباب
الحرف الصناعيّة، فتجد أنَّ المشتركين في صناعة واحدة كالحدادين والخزّازين
والنجارين واللَّحامين، وغيرهم من أصحاب الحرف والمهن يألف بعضهم بعضًا، ويأنَس
بعضهم ببعض، بينما لا تجد هذه العلاقة بين المختلفين في الحرفة.
المقصود: أنَّ العلاقة بين
من ذكرنا من أصحاب الحرفة الواحدة، أو الذين اجتمعوا في شكل اللِّباس أو غير ذلك،
تجعل الائتلاف بين المشتركين في تلك الأمور، ولو كان بينهم عداوة من وجه آخر، كأن
يكون بينهما عداوة على مُلك، أو عداوة على شيء آخر من أمور الدنيا، فإنهم وإن
تعادَوْا في بعض النواحي، إلاَّ أنهم يتقاربون في نواحٍ أخرى.
أي: أنَّ الملوك والرؤساء والأمراء، تجدهم يجتمعون وينحاز بعضهم لبعض بحكم تشابه مكانتهم، ويجلس بعضهم إلى بعض، وينفردون عن عامة الناس.