وحديث عمر رضي
الله عنه، وأحاديث أخر بسطت القول فيها في غير هذا الموضع، مع أنه لا بدّ أن تشتمل
أسواقهم على بيع ما يُستعان به على المعصية.
فأما بيع
المسلمين لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللِّباس والريحان
ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرَّم.
****
يعني: رغم يقيننا بأنَّ أسواق الكفار لا
بدّ أن يُباع بها ما يُستعان به على المعصية، إلاَّ أنه لم يُمنع التاجر المسلم من
السفر لشراء البضائع؛ لأن الأصل في البيع والشراء الحِلّ، إضافة إلى أنَّ هذا فعل
الصحابة، كأبي بكر رضي الله عنه وغيره من الصحابة.
وهنا لا بدَّ من
الإشارة إلى أنَّ بعض الناس يغالون في مسألة الولاء والبراء، فيظنون أنَّ البراء
من الكفار يلزم منه تحريم المعاملة معهم مطلقًا، وهذا خطأ، فالبراء معناه: أن
تبغضهم في قلبك، وأن لا تناصرهم على باطلهم، وأما البيع والشراء، والإحسان إلى من
لم يسئ إلى المسلمين فإنه مطلوب، قال الله تعالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي
ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ
إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨ إِنَّمَا
يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم
مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن
يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ [الممتحنة: 8- 9].
هذا بيان وجه الفرق بين جواز الشراء منهم والبيع لهم، لِـما في البيع لهم من تقويتهم وتمكينهم من فعل باطلهم، ولما في الشراء من سحب ما يستعينون به على باطلهم.
الصفحة 7 / 355