×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

 وكذلك ما ذبحوا على اسم المسيح، أو الصليب، أو أسماء من مضى من أحبارهم ورهبانهم الذين يعظمون.

فقد كان مالك وغيره ممن يُقْتَدى به يكره أكل هذا كله من ذبائحهم، وبه نأخذ.

وهو يضاهي قول الله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ وهي ذبائحهم التي كانوا يذبحون لأصنامهم التي كانوا يعبدون.

****

والمراد بطعامهم ذبائحهم، أما الطعام من غير الذبائح كالبُّر والتمر والخضروات والأرز فهذا مباح من أهل الكتاب ومِن غيرهم؛ لأن هذه الأشياء ليس فيها ذكاة فهي مباحة من كل أحد، أمّا الذبائح، فذبائح المشركين غير الكتابيين لا تحل مطلقًا، وأما ذبائح أهل الكتاب فهي حَلال إذا ذبحوها على الطريقة الشَّرعية لأكلهم، وهذا أمرٌ مجمع عليه، لكن بقي ما إذا ذبحوها لمناسباتهم ولأعيادهم، فهل نأكل منها؟ فإذا أخذنا بعموم قوله: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ فتكون حلالاً لنا، وإن أخذنا بتحريم إعانة المشركين على باطلهم، فإنها تحرم.

أي: وكذلك يحرم ما ذبحوه على اسم غير الله، وهذا أشد في التحريم حيث قال الله جل وعلا: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ [الأنعام: 121] وذكر من ضِمن المحرمات ما أُهل به لغير الله، أي: ذكر عليه اسم غير الله، كالمسيح والصليب وغير ذلك؛ لأن هذا شرك بالله عز وجل.

الإمام مالك كان يكره كل ما ذكر، والكراهية عند السلف يراد بها التحريم، قال الشيخ: وبه نأخذ، يعني: بقول مالك بالتحريم؛ لأنه يشبه ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ مما ذبح للأصنام.


الشرح