×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

ونقل عنه إبراهيم بن الحارث، قيل لأبي عبد الله: الرجل يُكري منزله من الذي ينزل فيه، وهو يَعلَم أنه يشرب فيه الخمر ويشرك فيها؟ قال: ابن عون كان لا يُكري إلاَّ من أهل الذِّمة، يقول: يُرْعِبهم.

قيل له: كأنه أراد إذلال أهل الذمة بهذا؟ قال: لا، ولكنه أراد أنه كره أن يُرعِبَ المسلم، يقول: إذا جئت أطلبُ الكراء من المسلم أرعبته، فإذا كان ذميًّا كان أهون عنده. قال: وجعل أبو عبد الله يعجب لهذا من ابن عون فيما رأيت. وهكذا نقل الأثرم سواءً، ولفظه: قلت لأبي عبد الله.

ومسائل الأثرم إبراهيم وابن الحارث يشتركان فيها.

****

قوله: «يبيعها من مسلم أحب إليَّ» ليخلفه فيها، ويَعبدَ الله فيها أحبُّ مِن أنه يبيعها من كافر يقيم فيها الكفر وشعاره.

قوله: «يُرْعِبهم» أي: أنَّ ابن عون كان يُكري أهل الذمّة، وقصده من ذلك إرعابهم، ويقصد بذلك أنه إذا حان موعد الأجرة وجاء فطالبهم بها ارتَعَبوا، لأجل هذا فضّل أن يكريهم.

هذا بيان المقصود من فعل ابن عون، فسره الإمام أحمد بأن قصده ليس إذلال الكافر، وإنما الحامل له على عدم إكراء المسلم خوفًا من أن يكون فقيرًا، فإذا طلب منه الأجرة وهو لا يقدر على دفعها ارتعبَ، بخلاف الكتابي فإنَّ إرعابه مطلوب.


الشرح