×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

ونازعه أصحابنا وكثير من الفقهاء في المقدمة الثانية، وقالوا: إذا غَلَب على ظنّه أنَّ المستأجر ينتفع بها في محرَّم، حرمت الإجارة له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لَعَن عاصر الخمر ومعتصرها، والعاصر إنما يعصر عصيرًا، لكن إذا رأى أنَّ المعتصِر يريد أن يتخذه خمرًا وعصره استحق اللعنة.

****

 لا يُجيز هذا التأجير؛ نظرًا لأنَّ الدار عُقد عليها لتكون مسجدًا، فعلى قوله رحمه الله لا يجوز أن يحولها إلى تأجير، فمثل هذا من عقد على العين يريد المنفعة المحرمة، ثم استعملها في مباح، فإنَّ هذا لا يسوِّغ العقد.

أي: نازعوه في المقدمة الثانية أيضًا، وهي: أنه إذا غَلَب على ظَنه، أنَّ العاقد يريد المنفعة المحرمة ولو لم تكن منصوصة في العقد، فإنَّ ذلك محرم، بدليل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لعن عاصر الخمر ومعتصِرها، فالعاصر مثل الذي اعتصرها - أي: أمر بعصرها - من أجل أن يصنع منها خمرًا، وكذلك ملعون حاملها والمحمولة إليه، فلُعِنَ حاملها مع أنه لا يشربها، وإنما حملها بالأجرة، فدلَّ ذلك على أنه إذا غَلب على الظَّن أو عُلم أنَّ العاقد يستعمل هذه المادَّة للحرام، فإنه يَحرم البيع عليه بنصِّ هذا الحديث؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لعن من أعان على المحرَّم، ولو كان أجيرًا فقط.


الشرح