ويتخرَّج أنه لا يؤخذ منه إلاَّ عُشْر واحد كالمسألة
الآتية، وهذا في العشرية التي ليست خارجية.
فأما الخراجـة
فقالـوا: ليس لذميّ أن يبتاع أرضًا فتحها المسلمون عنوة، وإذا جوَّزنا بيع أرض
عنوة كان حكم الذميّ في ابتياعها كحكمه في ابتياع أرض العُشْر المحض، إذ جميع
الأرض عشرية عندنا وعند الجمهور، بمعنى أنَّ العُشْر فيما أخرجت. وكذلك الأرض
الموات من أرض الإسلام التي ليست خراجية هل للذِّميّ أن يتملَّكها بالإحياء؟
قال طائفة من
العلماء: ليس له ذلك، وهو قول الشافعي وأبي حامد الغزالي، وهذا قياس إحدى
الروايتين عن أحمد في مَنْعِه ابتياعها. فإنه إذا لم يجز تملكها بالابتياع
فبالإحياء أولى.
****
المقصود من هذا الكلام: إذا قلنا بجواز بيع أرض العنوة للذميّ، كان حكم هذا البيع تمامًا مثل حكم بيع أرض العشر؛ لأن جميع الأرض عشرية، أي: أنَّ فيها العشر، وكذلك الأرض الموات. كما أنه لو أحيا أرضًا مواتًا من أرض المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» ([1]) فالأرض تملك بالإحياء، فهل يمكّن الكافر من إحياء الموات في بلاد المسلمين؟ فإن قيل: نعم، قيل أيضًا: يجوز بيع الأرض الخراجية أو العشرية عليه، وإن قيل بالمنع، قيل: إذا لم يجز تملكها بالابتياع فمن باب أولى بالإحياء؛ لأن فيه تمكينًا للكافر من بلاد الإسلام.
الصفحة 1 / 355