وقد أفصح أرباب
هذا القول بأنَّ مأخذهم: قياس الحراثة على التجارة، فإنَّ الذمي إذا اتجر في غير
أرضه فإنه يؤخذ منه ضعف ما يؤخذ من المسلمين، وهو نصف العشر، فكذلك إذا استحدث
أرضـًا غير أرضه؛ لأنه في كلا الموضعين قـد أخذ يكتسب في غير مكانه الأصلي، وحق
الحرث والتجارة قرينان، كما في قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ
أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ﴾ [البقرة: 267].
وكذلك قال أحمد في رواية الميموني: يؤخذ من أموال أهل الذمة، إذا اتجروا فيها
قُوِّمت، ثم أخذ منهم زكاتها مرتين، تضعف عليهم؛ لقول عمر رضي الله عنه:
«أَضْعِفْهَا عَلَيْهِمْ».
فمن الناس من قاس
الزرع على ذلك.
قال الميموني:
والذي لا شكَّ فيه من قول أبي عبد الله غير مرة: أنَّ أرض أهل الذمة التي في الصلح
ليس عليها خراج، إنما ينظر إلى ما أخرجت، يؤخذ منهم العشر مرتين.
قال الميموني: قلت لأبي عبد الله: فالذي يشتري أرض العشر ما عليه؟ قال لي: الناس كلهم يختلفون في هذا: منهم من لا يرى عليه شيئًا، ويشبهه بماله ليس عليه فيه زكاة إذا كان مقيمًا ما كان بين أظهرنا، وبماشيته، فيقول: هذه أموال، وليس عليه فيها صدقة. ومنهم من يقول: هذه حقوق لقوم، ولا يكون شراؤه الأرض يذهب بحقوق هؤلاء منهم، والحسن يقول: إذا اشتراها ضوعف عليه. قلت: كيف يضعف عليه؟ قال: لأن عليه العشر، فيؤخذ منه الخمس. قلت: يذهب إلى أن يضعف عليه الخمس فيؤخـذ منـه الخمس فالتفت إليَّ، فقال: نعم، يضعف عليهم.
الصفحة 5 / 355