قال: وسألت أحمد مرة أخرى، فقلت: إن أحيا رجل من أهل الذمة مواتًا؟ قال: هو عشري. وقال مرة أخرى: ليس عليه شيء.
وروى حرب عن عبيد
الله بن الحسن العنبري أنه قيل له: أخذكم الخمس من أرض أهل الذمة التي في أرض
العرب، أبأثرٍ عندكم، أم بغير أثر؟ قال: ليس عندنا فيه أثر. ولكن قسناه بما أمر به
عمر رضي الله عنه أن يؤخذ من أموالهم إذا اتجروا بها، ومروا بها على عشار.
فهذا أحمد رضي
الله عنه سئل عن إحياء الذمي الأرض؟ فأجاب: بأنه ليس عليه شيء. وذكر اختلاف
الفقهاء في مسألة اشترائه الأرض: هل يمنع، أو يُضعَّف عليه العشر؟
وهذا يبين لك
أنَّ المسألتين عنده واحدة، وهو تملك الذمي الأرض العشرية، سواء كان بابتياع أو
إحياء أو غير ذلك.
وكذلك ذكر
العنبري قاضي أهل البصرة: أنهم يأخذون الخمس من جميع أرض أهل الذمة العشرية، وذلك
يعم ما ملك انتقالاً أو ابتداء.
وهذا يفيدك أنَّ أحمد إذا منع الذمي أن يبتاع الأرض العشرية فكذلك يمنعه من إحيائها، وأنه إذا أخذ منه فيما ابتاعه الخمس، فكذلك فيما أحياه. وأن من نقل عنه عشرًا مفردًا في الأرض المحياة دون المبتاعة، فليس بمستقيم، وإنما سببه قوله في الرواية الأخرى التي نقلها الكرماني: ((هي أرض عشرية))، ولكن هذا كلام مجمل، قد فصله أبو عبد الله في موضع آخر، وبَيَّن مأخذه. ونقلُ الفقه: إن لم يعرف الناقل مأخذ الفقيه، وإلاّ فقد يقع فيه الغلط كثيرًا.