وكذلك مذهب مالك:
يكره ما ذَبحه النَّصارى لكنائسهم، أو ما ذبحوا على اسم المسيح أو الصَّليب أو
أسماء من مضى من أحبارهم ورهبانهم.
وفي
((الـمدونة)): وكره مالك أكل ما ذبحه أهل الكتـاب لكنائسهم، أو لأعيادهم من غير
تحريم، وتأول قول الله تعالى: ﴿أَوۡ فِسۡقًا أُهِلَّ
لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۚ﴾ [الأنعام: 145].
قال ابن القاسم:
وكذلك ما ذَبحوا وسمّوا عليه اسم المسيح وهو بمنزلة ما ذَبحوا لكنائسهم ولا أرى أن
يؤكل.
****
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ
لَّكُمۡ﴾ وهذا ما يسمونه بتعارض العمومَيْن عند الأصوليين، فبعضهم قدَّم عموم قوله
تعالى: ﴿وَطَعَامُ
ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ وبعضهم على العكس
قدَّم عموم قوله تعالى: ﴿وَلَا
تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ﴾ وعموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ
لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾ والمسألة فيها خلاف، ولكن الإمام أحمد كما سبق وتكرر لم
ير أنَّ هنا مما يقطع بتحريمه.
يعني: أنَّ الإمام مالكًا
اتَّفق مع الإمام أحمد على كراهة ما ذبحه النصارى لكنائسهم، أو على اسم المسيح أو
الصليب، وفي حال أعيادهم ومناسباتهم.
هذا كما سبق: أنَّ من أخذ بعموم قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ فإنه يبيح كل ما ذبحوه دون استثناء، ولكن من قدَّم عموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾ فإنه يرى تحريم كل ما ذبح لغير الله، من أخذ بالقول الثاني وهو تقديم: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ فإنه يكره ذلك كراهة تنزيه من باب الاحتياط.
الصفحة 10 / 355