×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

وكذلك مذهب مالك: يكره ما ذَبحه النَّصارى لكنائسهم، أو ما ذبحوا على اسم المسيح أو الصَّليب أو أسماء من مضى من أحبارهم ورهبانهم.

وفي ((الـمدونة)): وكره مالك أكل ما ذبحه أهل الكتـاب لكنائسهم، أو لأعيادهم من غير تحريم، وتأول قول الله تعالى: ﴿أَوۡ فِسۡقًا أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۚ [الأنعام: 145].

قال ابن القاسم: وكذلك ما ذَبحوا وسمّوا عليه اسم المسيح وهو بمنزلة ما ذَبحوا لكنائسهم ولا أرى أن يؤكل.

****

 أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وهذا ما يسمونه بتعارض العمومَيْن عند الأصوليين، فبعضهم قدَّم عموم قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وبعضهم على العكس قدَّم عموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وعموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ والمسألة فيها خلاف، ولكن الإمام أحمد كما سبق وتكرر لم ير أنَّ هنا مما يقطع بتحريمه.

يعني: أنَّ الإمام مالكًا اتَّفق مع الإمام أحمد على كراهة ما ذبحه النصارى لكنائسهم، أو على اسم المسيح أو الصليب، وفي حال أعيادهم ومناسباتهم.

هذا كما سبق: أنَّ من أخذ بعموم قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ فإنه يبيح كل ما ذبحوه دون استثناء، ولكن من قدَّم عموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فإنه يرى تحريم كل ما ذبح لغير الله، من أخذ بالقول الثاني وهو تقديم: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ فإنه يكره ذلك كراهة تنزيه من باب الاحتياط.


الشرح