ووجه الاختلاف
أنَّ هذا قـد دخل في عموم قوله عز وجل: ﴿وَطَعَامُ
ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ وفي
عموم ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾
لأنَّ هذه الآية تعمّ كل ما نطق به لغير الله.
يقال: أهلَلْتُ
بكذا إذا تكلمت به، وإن كان أصله الكلام الرفيع، فإنَّ الحكم لا يختلف برفع
الصَّوت وخفضه، وإنما لما كانت عادتهم رفع الصَّوت في الأصل خرج الكلام على ذلك.
فيكون المعنى:
وما تكلَّم به لغير الله، وما نطق به لغير الله، ومعلوم أنَّ ما حَرم: أن تجعل غير
الله مسمى، فكذلك منويًّا؛ إذ هذا مثل النيات في العبادات، فإنَّ اللفظ بها وإن
كان أبلغ، لكن الأصل القصد.
ألا ترى إلى
المتقرّب بالهدايا والضحايا، سواء قال: أذبحه لله أو سكت، فإنَّ العبرة بالنيّة.
****
هذا السبب هو الذي
جعل الفقهاء يختلفون في هذه المسألة، فمن رجَّح عُموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ
لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾ قال بالتحريم، ومن رجَّح عموم قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ قال بالإباحة، وهذا
مَحَلّ اجتهاد، فمن ترجح لديه قول مِن هذين القولين، فإنه لا يسعه أن يأخذ بالقول
المرجوح.
الإهلال: أصله رفع الصوت بالشيء، ومنه استِهلال الصَّبي، إذا رفع صوته بالبكاء بعد الولادة، ولكن المراد به هنا النطق، سواء رفع صوته به أم لا، فإذا ذكر اسم الله ولو لم يرفع صوته، أو ذكر اسم غير الله ولو لم يرفع صوته فالحكم سواء.
الصفحة 3 / 355