×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وَكَوْنُ هَؤُلاَءِ المُتَطَرِّفِينَ الجُهَّالُ حَصَلَ مِنْهُمْ مَا حَصَلَ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى الإِسْلاَمِ؛ لأَِنَّهُمْ أَخَذُوا بِطَرَفٍ مِنَ النُّصُوصِ وَتَرَكُوا الطَّرَفَ الآخَرَ شَأْنُهُمْ شَأْن الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَأَخَذُوا بِالمُتَشَابِهِ وَتَرَكُوا المُحْكَمَ؛ بَل إِنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُنَادُونَ بِإِلغَاءِ الوَلاَءِ وَالبَرَاءِ هُمْ مِثْلُ أُولَئِكَ أَخَذُوا بِطَرَفٍ مِنَ الأَدِلَّةِ وَتَرَكُوا الطَّرَفَ الآخَرَ، وَطَرِيقَةُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلمِ هِيَ الجَمْعُ بَيْنَ الأَدِلَّةِ وَالأَخْذُ بِالكُلِّ قَائِلِينَ: ﴿كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7] وَإِن مَا حَصَلَ وَتَكَرَّرَ مِنَ الكُفَّارِ الآنَ مِنْ سُوءِ التَّعَامُلِ مَعَ المُسْلِمِينَ الأُسرَاءِ وَغَيْرِ الأَسرَاءِ فِي البُوسْنَةِ وَالهَرْسَكِ وَفِي سِجْنِ «أَبُو غَرِيبٍ» وَفِي سِجْنٍ «جُوَانْتَنامُو» مِنَ التَّعْذِيبِ؛ بَل اسْتَطَالَ شَرُّهُمْ وَامْتَدَّتْ أَيْدِيهِمْ إِلَى القُرْآنِ الكَرِيمِ فَدَنَّسُوهُ وَأَهَانُوهُ كَمَا نُشِرَ ذَلِكَ فِي صُحُفِهِمْ. وَهَذَا مِصْدَاقُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِن يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ [الممتحنة: 2]. فِي حِينِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَصَفَ المُؤْمِنِينَ فَقَالَ: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا [الإنسان: 8]، فَلم يُعَامِلُوا أَسْرَى المُسْلِمِينَ بِمِثْلِ مُعَامَلَةِ المُسْلِمِينَ لأَِسْرَاهُمْ، وَمَا حَصَلَ مِنَ الكُفَّارِ الآنَ هُوَ امْتِدَادٌ لِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ [المائدة: 58]. فَكَيْفَ يَسُوغُ لِهَؤُلاَءِ المَخْدُوعِينَ مِنَّا أَنْ يَدْعُوا إِلَى مُوَادَّتِهم وَعَدَمِ الكُرْهِ لَهُمْ وَهُمْ يُظْهِرُونَ عَدَاوَتَنَا وَعَدَاوَةَ دِينِنَا وَعَدَاوَةَ كِتَابِ رَبِّنَا، ﴿وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ [آل عمران: 118]، ﴿يُرۡضُونَكُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَتَأۡبَىٰ قُلُوبُهُمۡ [التوبة: 8]، ﴿وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ [آل عمران: 119].

فَمَا حَصَلَ مِنْهُمْ هَذِهِ الأَيَّام نَحْو القُرْآنِ إِنَّمَا هُوَ غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ مِمَّا عِنْدَهُمْ.


الشرح