وَإِنَّ مُطَالَبَةَ بَعْضِ المُسْلِمِينَ لِدُوَلِ الكُفْرِ
بِالتَّحْقِيقِ فِي هَذِهِ الجَرِيمَةِ وَمُعَاقَبَةِ مَنْ وَقَعَتْ مِنْهُمْ
وَمَعَ أَنَّ هَذَا لَنْ يَتَحَقَّقَ، فَإِنَّهُ لاَ يُزِيلُ مَا بِنُفُوسِهِمْ
نَحْوَ المُسْلِمِينَ.
فَعَلَى المُسْلِمِينَ أَنْ يَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ مِنْ مَكْرِ
الكَافِرِينَ وَخِدَاعِهِمْ وَلاَ يَثِقُوا بِمَا يُظْهِرُونَ لَهُمْ
بِأَلسِنَتِهِمْ وَتَأْبَاهُ قُلُوبُهُمْ، وَأَنْ يَأْخُذُوا بِوَصِيَّةِ
رَبِّهِمْ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ﴾ [المائدة: 51]، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ
وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ﴾ [الأنفال: 72] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا
تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ﴾ [الأنفال: 73] وَلاَ مَانِعَ
أَنْ يَتَعَامَلُوا مَعَ الكُفَّارِ بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُمْ التَّعَامُل
بِهِ دُونَ مَحَبَّتِهِمْ فِي القُلُوبِ وَدُونَ الثِّقَةِ بِهِمْ فِي أُمُورِ
الدِّينِ.
هَذَا هُوَ الوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ
وَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوهُ حَصَلَتْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ مِنْ
زَوَالِ الفَوَارِقِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالكُفَّارِ وَاسْتِطَالَة الكُفَّارِ
عَلَى المُسْلِمِينَ وَعَلَى دِينِهِمْ بِالأَذَى. وَفَّقَنَا اللَّهُ وَجَمِيعَ
المُسْلِمِينَ لِلعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ، وَجَنَّبَنَا طَرِيقَ مَعَاصِيهِ، وَلاَ
نَنْسَ قَوْلَهُ تَعَالَى:﴿هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ
وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا
وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ﴾ [آل عمران: 119].
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
كَتَبَهُ
صَالِحُ بْنُ فَوْزَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الفَوْزَانِ
عُضْوُ هَيْئَةِ كِبَارِ العُلَمَاءِ
فِي 10/ 4/ 1426 هـ
****
الصفحة 3 / 325