وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ
مِنَ الإِْثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ
شَيْئًا» ([1]).
وَبَعْدَ تَسْجِيلِ مُلاَحَظَاتِي وَجَدْتُ الأُسْتَاذَ الشَّيْخَ عَبْدَ الحَمِيدِ طَهْمَاز قَدْ سَبَقَنِي إِلَى التَّعْقِيبِ عَلَى ذَلِكَ الكِتَابِ بِنبذَةٍ جَيِّدَةٍ سَمَّاهَا: «نَظَرَاتٌ فِي كِتَابِ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ فِي الإِسْلاَمِ»، جَاءَ فِي مُقَدِّمَتِهَا بَعْدَ كَلاَمٍ ذَكَرَهُ فِي بَيَانِ اجْتِهَادِ الأَئِمَّةِ فِي اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ مَصَادِرِهَا وَمَا لِهَؤُلاَءِ الأَئِمَّةِ مِنْ جُهُودٍ طَيِّبَةٍ جَاءَ فِي تِلكَ المُقَدِّمَةِ قَوْلُهُ: «وَلاَ مَنَاصَ لِكُلِّ بَاحِثٍ فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى آرَائِهِمْ، وَأَقْوَالِهِمْ، وَإِنَّ كُلَّ مَنْ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ مُخَالَفَة أَقْوَالِهِمْ، وَالخُرُوج عَلَى آرَائِهِمْ وَقَعَ فِي الخَلطِ وَالخَبْطِ وَالتَّنَاقُضِ وَالتَّهَافُتِ؛ لأَِنَّهُ مَا أَحَاطَ بِالأَدِلَّةِ إِحَاطَتهم، وَلاَ فَهِمَ النُّصُوصَ فَهْمَهُمْ، وَهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى عُصُورِ الخَيْرِ وَالصَّفَاءِ تَلَقِّيًا وَفَهْمًا. وَكَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُخَالِفَهُمْ أَنْ يَدْرُسَ أَدِلَّةَ أَقْوَالِهِمْ، لِيَجِدَ أَنَّهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مَا خَرَجُوا عَنِ الكِتَابِ، وَمَا خَالَفُوا السُّنَّةَ، بَل صَدرُوا عَنْهُمَا فِي كُلِّ أَقْوَالِهِمْ وَآرَائِهِمْ؛ وَبَيْنَ أَيْدِينَا مِثَالٌ عَمَلِيٌّ لِهَذَا وَهُوَ كِتَابُ «الحَلاَلُ وَالحَرَامُ فِي الإِسْلاَمِ»؛ فَقَدْ خَرَجَ مُؤَلِّفُهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ القَرَضَاوِيُّ عَنْ آرَاءِ الأَئِمَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِهِ إِلَى أَقْوَالٍ شَاذَّةٍ أَوْ ضَعِيفَةِ الثُّبُوتِ أَوْ مَنْحُولَةٍ مَدْسُوسَةٍ عَلَى قَائِلِهَا. وَلَيْتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسَجِّلَهَا فِي كِتَابِهِ وَازَن بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَقْوَالِ المُعْتَمَدَةِ عِنْدَ الأَئِمَّةِ، وَقَارَنَ بَيْنَ أَدِلَّةِ هَذِهِ وَأَدِلَّةِ تِلكَ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا لَظَهَرَ لَهُ ضَعْفُهَا وَشُذُوذُهَا، وَبِالتَّالِي مَا ثَبَتَهَا فِي كِتَابِهِ كَرَأْيٍ مُعْتَمَدٍ يُفْتِي بِهِ جُمْهُورَ المُسْلِمِينَ وَأَجْيَالِهِمْ اللاَّحِقَةِ.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2674).