القُلُوبِ، قَالَ
الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ البَارِي» (5/ 233): «ثُمَّ البِرُّ
وَالصِّلَةُ وَالإِحْسَانُ لاَ يَسْتَلزِمُ التَّحَابّ وَالتُوَادد المَنْهِي
عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَّا
تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ
حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ﴾ [المجادلة: 22] الآيَةُ، فَإِنَّهَا عَامَّةٌ فِي حَقِّ
مَنْ قَاتَلَ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِل. وَاللَّهُ أَعْلَمُ». ا هـ. ومثله قَالَ
الشَّوكَانِيّ فِي «نَيْلِ الأَوطَار» (6/ 4)، وَبِهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
يَزُولُ الإِشْكَالُ الَّذِي أَوْرَدَهُ المُؤَلِّفُ.
3- حُكْمُ تَنَاوُلِ
التّبغِ «الدُّخَان».
فِي صَحِيفَةِ (62)
بَعْدَ ذِكْرِ المُؤَلِّفِ تَحْرِيمَ كُلِّ مَا يَقْتُلُ أَوْ يَضُرُّ قَالَ:
«وَوَفْقًا لِهَذَا المَبْدَإ نَقُولُ: إِنَّ تَنَاوُلَ التّبغِ - الدُّخانُ - مَا
دَامَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَضُرُّ بِمُتَنَاولِهِ فَهُوَ حَرَامٌ وَخَاصَّة إِذَا
قَرَّرَ ذَلِكَ طَبِيبٌ مُخْتَصٌّ بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ».
وَفِي صَحِيفَةِ
(93) قَالَ تَحْتَ عُنْوَانِ: الزِّرَاعَةُ المُحَرَّمَةُ: ومثل ذَلِكَ
التّبغِ - الدُّخانُ - إِنْ قُلنَا: تَنَاوُلهُ حَرَامٌ فَزِرَاعَتُهُ حَرَامٌ
وَإِنْ قُلنَا: مَكْرُوهٌ فَمَكْرُوهَةٌ.
« وَالجَوَابُ:
أَنْ نَقُولَ: مَا هَذَا التَّنَاقُضُ مِنَ المُؤَلِّفِ وَالتَّرَدُّدِ فِي
حُكْمِ الدُّخانِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ ضَرَرُهُ عَلَى مُتَعَاطِيهِ
بِالتَّجْرِبَةِ وَبِشَهَادَةِ المُخْتَصِّينَ مِنَ الأَطِبَّاءِ وَإِقْرَارِ
كَثِيرٍ مِمَّنْ يَتَعَاطَوْنَهُ بِعَظِيمِ ضَرَرِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَخَلَّصَ
مِنْ وَطْأَتِهِ وَتَرَكَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ تَحْتَ وَطْأَتِهِ عَلَى
مَضَضٍ. وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى الجَمِيعِ لاَ فِي
حَقِّ مَنْ قَرَّرَ لَهُ طَبيبٌ مُخْتَصٌّ فَقَطْ.
وَالمُؤَلِّفُ فِي
أَوَّلِ كِتَابِهِ يُقَرِّرُ أَنَّ التَّحْرِيمَ يَتْبَعُ الخبثَ وَالضَّرَرَ.
فَهَل الدُّخانُ غَير خَبِيثٍ وَغَير مُضِرٍّ؟ وَيَقُولُ أَيْضًا: الحَرَامُ
حَرَامٌ عَلَى
الصفحة 1 / 325