الآسِفِ
لاِسْتِعْصَاءِ الدَّاءِ عَلَى الدَّوَاءِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ
الحَالاَتِ لاَ يُرْجَى لَهَا شِفَاءٌ وَلاَ يَجِدُ الآسي «الطَّبِيب» مِنْ ثَمَّ
سَبِيلاً إِلَى مُهَادَنَةِ أَخْطَارِهَا وَتَلطِيفِ وَيْلاَتِهَا إلاَّ
بِإِرْشَادِهِ إِلَى اتِّبَاعِ النَّصِيحَةِ القَائِلَةِ: «حدّ عَنِ الشَّرِّ.
وَافْعَلِ الخَيْرَ. اطْلُبِ السَّلاَمَةَ وَاسْعَ وَرَاءَهَا» وَالإِلحَاح
عَلَيْهِ الإِقْلاَع عَنْ عَادَةِ التَّدْخِينِ كَيْ يُتَاحَ لأَِعْضَائِهِ
البَالِيَةِ أَنْ تَسِيرَ بِهِ بِضْعَةَ أَعْوَامٍ أُخْرَى».
إِلَى أَنْ قَالَ
فِي صَحِيفَةِ (43): إِنَّ الدُّكْتُورَ «أ. س. كِلنْتُون» الطَّبِيبِ المُبَاشِرِ
لِطَائِفَةٍ مِنْ مَدَارِسِ البَنِينَ «بفرانسيسكُو» يَقُولُ: «لَقَدْ كَثُرَ مَا
قِيلَ عَنْ شُرُورِ الدَّخِينَة وَآفَاتِهَا إلاَّ أَنَّ نِصْفَ الحَقِيقَةِ لَمْ
يُقَرّرْ فِي كُلِّ مَا قِيلَ؛ فَإِنَّ تَعَاطِي الدَّخِينة يُوهِنُ الأَخْلاَقَ،
وَيُضْعِفُ الإِرَادَةَ، وَيَهْدِمُ الصِّحَّةَ، وَيُخَدِّرُ الأَعْصَابَ بَعْدَ
أَنْ يُنَشِّطَهَا، وَيُنَبِّهَهَا وَيعدَ الأَحْدَاثَ لِمَرَضِ السُّلِّ،
وَيُقَلِّلُ مِنْ مُقَاوَمَتِهِمْ لَهُ، وَيَبْتَلِيهِمْ بِتَضَخُّمِ القَلبِ،
وَيُرْسِلهمْ إِلَى مُسْتَشْفَى المَجَاذِيبِ، وَكَثِيرًا مَا طُلِبَ مِنِّي أَنْ
أَصِفَ عِلاَجًا لأَِحْدَاثِ مُصَابِينَ بِخَفَقَانِ القَلبِ وَشِدَّةِ وَجيبه،
وَكَانَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ هَذِهِ الحَالاَتِ نَاجِمًا عَنْ عَادَةِ
التَّدْخِينِ، فَهِيَ حَلقَةٌ مُتَّصِلَةُ الأَطْرَافِ قوَامُها البُؤْسُ
وَمَصِيرُهَا المُسْتَشْفَيَات وَالمَلاَجِئ وَالسُّجُون. وَأَنَا أُقَرِّرُ
الحَقِيقَةَ الَّتِي يَعْرِفُهَا كُلُّ طَبِيبٍ وَمُعَلِّمٍ». انْتَهَى
المَقْصُودُ مِنْهُ.
وَبَعْد: فَهَذِهِ
مُقْتَطَفَاتٌ مِنْ كَلاَمِ الأَطِبَّاءِ فِي أَضْرَارِ الدُّخانِ طبِّيًّا،
سُقْنَاهَا بَعْدَ كَلاَمِ العُلَمَاءِ فِي بَيَانِ حُكْمِ تَعَاطِيهِ شَرْعًا.
فَهَل يَلِيقُ بِمُنْصِفٍ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي تَحْرِيمِهِ
وَالمَنْعِ مِنْهُ، اللَّهُمَّ إلاَّ مُكَابِر لاَ عِبْرَة بِهِ وَلاَ بِقَوْلِهِ؟
****
الصفحة 10 / 325