ونقول أيضًا: ليست العلَّةُ في
إعفاءِ اللِّحيةِ مخالفةَ الكفَّارِ فقط كمَا في الصَّبغِ، بل هو ذَلكَ وكونُ
إعفائِهَا من خصالِ الفطرةِ كمَا في الحديثِ الصَّحيحِ.
وأيضًا الصَّحابةُ
والتَّابعون ومن بعدَهم لم يختلِفوا في مدلولِ الأمرِ بإعفاءِ اللِّحيةِ. وقدِ
اختلفوا في مدلولِ الأمرِ بصبغِ الشَّيبِ؛ فظهرَ من هَذِهِ الوجوهِ الفرقُ بين
الأمرِ بإعفاءِ اللِّحيةِ والأمرُ بصبغِ الشَّيبِ، وبطلَ قياسُ المؤلِّف إعفاء
اللِّحيةِ على صبغِ الشَّيب؛ لأنَّه قياسٌ مع الفارقِ.
وأمَّا تعليله عدم
حلقِ أحدٍ من السَّلفِ للحيتِه بكونِهِم لم يكن بهم حاجَةٌ إليه، وهو عادتهم فهو
تعليلٌ ساقطٌ، يكفي سُقوطه عن ردِّه.
ونقول: عدمُ حلْقِ أحدٍ
منهم للحيته يدلُّ على عدمِ جوَازِه عندَهُم. وقد كانوا يُعظِّمُون اللِّحيةَ،
ويعلون من شأنها كمَا في قصَّة قيس بن سعدٍ رضي الله عنهما فقد كانَ أثط؛ أيْ:
أمردٌ لا لحيةَ له، فقالَت الأنصارُ: نِعْمَ السَّيِّد قيس لبطولتِه
وشهامتِه ولكن لا لحْيَةَ له، فواللَّهِ لو كانت اللِّحيةُ تُشترى بالدَّراهمِ
لاشترينا له لحيةً ليكمل رجلاً.
هَذَا شأنُ سلفِنا
الصَّالحِ في اللِّحيةِ وتعظِيمِها، وإنَّها علامةٌ على كمالِ الرُّجوليَّةِ.
وقد قرَّر العلماءُ
فيمن جَنَى على لحيتِه فتساقط شَعْرُها ولم ينبت: إنَّ على الجَاني ديةً كامِلة
كمَا لو قتله؛ فكيف يقالُ بعد هَذَا: إنَّ حلقَها ليس بحرامٍ؟
****
الصفحة 5 / 325
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد