كان أوَّلَ الأمرِ
لقُربِ عهدِ النَّاسِ بالوثنيَّةِ، أمَّا الآنَ وقد مضى على ذلك دَهرٌ طويلٌ، فقد
ذهَبَتْ علَّةُ التَّحريمِ ولا يُخْشَى على النَّاسِ أن يَعودُوا لعبادةِ
الأوثانِ. ونَسِيَ هَؤُلاءِ ما هو بَينَ أيديهِم من مظَاهِرِ الوثنيَّةِ الحقَّةِ
بالتَّقرُّبِ إِلَى القبورِ واللُّجوءِ إليها عندَ الكُروبِ والشَّدائدِ، وأنَّ
الوثنيَّةَ عادَتْ إِلَى التَّغلغلِ في القُلوبِ دُون أن يشعرَ أصحابُها. بل
نَسُوا نصوصَ الأحاديثِ الصَّريحةِ في التَّحريمِ، وعلَّة التَّحريم، وكنَّا
نعجَبُ لهم من هَذَا التَّفكيرِ العَقِيمِ والاجتهادِ المُلتَوِي، وكنَّا نظنُّهم
اختَرَعُوا معنًى لم يُسبَقُوا إليه وإن كان باطلاً ظَاهر البُطلانِ، حتَّى
كشفْنَا بعدُ لك أنَّهم كانوا في باطِلِهم مقلِّدينَ وفي اجتهَادِهم واستنبَاطِهم
سَارِقين؛ فرَأينَا الإمامَ الحافظَ الحجَّة ابنَ دقيقٍ العيد المتوفَّى سنة 702
هـ يحكِي مثَل قولِهم ويردُّه أبلغ وبأقْوى حجَّةً «ثمَّ ساقَ كلامَ ابنٍ دقيقٍ
الَّذي نقلناه قريبًا» ثمَّ قال: هَذَا ما قالَهُ ابنُ دقيقٍ العيد منذ أكثر من
670 سنةٍ يردُّ على قومٍ تلاعَبُوا بهذه النُّصوصِ في عصْرِه أو قبل عصْرِه، ثمَّ
يأتي هَؤُلاءِ المفْتُون المضلِّلون وأتباعُهُم المقلِّدُونَ الجَاهِلُون،
يُعيدُونَها جذعَةً، ويلعبون بنُصوصِ الأحاديثِ كمَا لعِبَ أولئكَ من قَبلُ». ا
هـ.
فتبيَّنَ ممَّا
تقدَّمَ أنَّ التَّصويرَ بجَمِيعِ أنوَاعِه تماثيل أو غير تماثيل منقوشًا باليدِ
أو فوتوغرافيًا مأخوذًا بالآلةِ؛ كُلّه حرامٌ، وإن كلَّ مَن حاولَ إباحةَ شيءٍ منه
فمُحَاولتُه باطلةٌ وحجَّتُه داحضةٌ. واللَّه المستعان.
****
الصفحة 10 / 325