×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

قالَ ابنُ دقيقِ العيد في «شرحِ العمدةِ» (3/ 256) بحاشيةِ الصَّنعانِيّ مُجِيبًا عن هَذَا الزَّعمِ: «ولقد أبعَد غايةَ البُعدِ مَن قال: إنَّ ذلكَ مَحمُولٌ على الكراهةِ، وأنَّ التَّشديدَ كانَ في ذلك الزَّمانِ لقُربِ عَهدِ النَّاس بعبادةِ الأوثانِ، وهذا الزَّمانُ حيثُ انتشرَ الإسلامُ وتمهَّدَتْ قَواعِدُه فلا يُسَاوِيه في هَذَا التَّشديدِ» هَذَا أو معنَاه، وهذا القولُ عندنا باطِلٌ قطعًا، لأنَّه قد وردَ في الأحاديثِ الإخبارُ عن أمرِ الآخرةِ بعذابِ المصوِّرين وأنَّهم يقالُ لهم: «أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» ([1])، وهذِه علَّةٌ مخالفةٌ لما قالَهُ هَذَا القائلُ، وقد صرَّحَ بذلك في قولِه عليه السلام: «المُشبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» ([2])، وهذه علَّةٌ عامَّةٌ مستقلَّةٌ مناسبةٌ ولا تخصُّ زمانًا دُونَ زمانٍ، وليسَ لنا أن نتصرَّفَ في النُّصوصِ المتظاهِرَةِ المتظَافرةِ بمعنًى خياليٍّ، يمكنُ أن يكونَ هو المرادُ مع اقتضاءِ اللَّفظِ التَّعليل بغيرِه وهو التَّشبُّه بخلقِ اللَّهِ. ا هـ. قال المحشِّي الأميرُ الصَّنعانِيّ: «أقول: لقد صدَق، وهل بعدَ اللَّعنِ والإخبارِ بأنَّه أشدُّ النَّاس عذابًا من مستروح لهذا القائلِ؟ وقد أصابَ الشَّارِحُ بقوله: «إنَّه قولٌ باطلٌ»». ا هـ.

وقال الشَّيخُ أحمدُ شاكرٍ في تعليقِه على «مسند الإمام أحمد» (12/ 149، 150) مُجِيبًا على ذلك أيضًا: «وفي عصرِنا هَذَا كنَّا نسمَعُ عن أناسٍ كبَارٍ يُنْسَبونَ إِلَى العِلمِ ممَّن لم نُدرِكْ أن نَسمَعَ منهم أنَّهم يذْهَبُونَ إِلَى جوازِ التَّصويرِ كلّه بما فيه التَّماثيل الملعونة...، إِلَى أن قالَ: وكان من حجَّة أولئكَ أن تأوَّلوا النُّصوصَ بربْطِهَا بعلَّةٍ لم يذكُرْها الشَّارعُ ولم يجعلْهَا مناطَ التَّحريمِ، هي - فيما بلغنا - أنَّ التَّحريمَ إنَّما


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5951)، ومسلم رقم (2108).

([2])أخرجه: البخاري رقم (5954)، ومسلم رقم (2107).